رضوى محمد- القاهرة
ما الأصل الشرعي في موضوع الحسد ومدى تأثيره على الإنسان؟!
وهل هناك أصل شرعي للرقية منه أو إبطاله؟
وماذا عن اعتقاد البعض أن التثاؤب أو الاختناق أثناء الرقية دليل على أن الإنسانَ المرقيَّ محسودٌ؟
الإجابة للمفتي: الدكتور أحمد العَسَّال أستاذ الفقه وأصوله ومستشار الجامعة الإسلامية العالمية بباكستان.
هناك حسد محمود وحسد مذموم، فالمحمود أن تتمنَّى أن تكون مثل فلان الذي يحفظ القرآن أو يكون لديك مثل فلان الذي يتصدَّق، وهو ما يُسمَّى بالغِبْطَة، وهي ما وردت في حديث ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: "لا حَسَدَ إلا في اثنتين: رجل آتاه اللَّه القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه اللَّه مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار" (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).
أما الحسد المذموم فهو تَمنِّي زوال النعمة، قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)﴾ (البقرة) وقد نزلت سورة (الفلق) ليتحصَّن بها الإنسان من الحسد، وقد جاء في آخرها: ﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾، والنَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- حُسِدَ كما ورد في الحديث، والأدلة في هذا الباب كثيرة.
وبالطبع للحسد تأثير على الإنسان، وقديمًا قالوا: الحسدُ يُوسِدُ الرَّجُلَ القَبْرَ والجَمَلَ القِدْرَ، وعلاج هذا الأمر..
أولاً: كما ورد في الآية السابقة ﴿فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ﴾، وقد قال الإمام ابن تيمية: لا علاج للذي يحسد إلا أن تعفو وتصفح عنه.
ثانيًا: ما ورد عن الرقية الشرعية في هذا الباب بصيغ متقاربة، وهي قراءة سور الإخلاص والمعوذتين ثلاثًا ثم يقول: بسم الله أَرقِيكَ، من كلِّ شيءٍ يُؤذِيكَ، اللهُ يشفيك شفاءً لا يُغَادِر سَقَمًا، ثم يقرأ الفاتحة، والصحابة رضوان الله عليهم رقوا رجلاً لُدِغَ من ثعبان فقام كأنه نَشِطَ من عِقَالٍ.
أما ما يعتقده البعض عن التثاؤب أو الاختناق كدليل على وقوع الحسد على شخص بعينه فهذا ليس صحيحًا ولم يَرِدْ به دليلٌ شرعيٌّ.