.::الملتقى الاسلامي في العراق::.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بر الوالدين فريضة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو سعيد

{{}} عضـو اساسي {{}}


{{}} عضـو اساسي {{}}
ابو سعيد


المساهمات : 435
تاريخ التسجيل : 05/08/2007

بر الوالدين فريضة Empty
مُساهمةموضوع: بر الوالدين فريضة   بر الوالدين فريضة I_icon_minitime31.08.07 13:56

هناك حقيقة شرعية يعلمها جميع الإخوة بغير استثناء؛ وهي أن بر الوالدين فريضة من أهم فرائض الدين، وأن عقوق الوالدين كبيرة من الكبائر.

والجميع يعلم أيضاً تلك الوصايا القرآنية المتكررة التي تحث على الإحسان إلى الوالدين ودرجة الإحسان فوق درجة العدل، بل إن الله تعالى قرن الإحسان بالوالدين بعبادته سبحانه مباشرة؛ {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً}، ونهى سبحانه أن يقول المرء لأحد والديه كلمة "أف"، فما بالك بما فوقها؟!

ورغم ذلك نجد أن قلة من الإخوة حديثي العهد بالالتزم لا يقومون بهذه الفريضة الدينية، ولا أقول؛ يحسنون إلى والديهم، بل لا يعدلون معهم، بل يعقونهم، فقد تسمع عَمَّن يغلظ على أبيه في القول، ومن يرفع صوته عليه، ومن لا يطيعه في الواجبات والمباحات، بل قد تسمع عمن يشتم أمه أو ينهرها أو يسبها!

وإلى هؤلاء أقول:

إن بر الوالدين فريضة دينية كفريضة الدعوة والحسبة والجهاد والصلاة، وعقوق الوالدين كبيرة من الكبائر لا تقل بحال عن كبيرة الزنا أو السرقة أو غيرهما من الكبائر - بل قد تزيد - فلماذا تُجزئِّ الإسلام، وتقبل بعضه وترفض بعضه الآخر؟ وأنت الذي تعيب ذلك على العلمانيين وتملأ الدنيا ضجيجاً بقولك: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}، وما بالك تنهى عن الشيء ثم تأتيه؟!

لا تنه عن خلق وتأتيَ مثله عار عليك إذا فعلت عظيم


وإلى هؤلاء أقول أيضاً:

تذكروا أن الإسلام كرَّم الوالدين، حتى جوَّز لك أن تقطع صلاة السنن والنوافل لتجيب أمك أو أباك إذا نادى عليك وأنت تصليها.

وعلى هؤلاء أيضاً أن يتذكروا قصة جريج - عابد بني إسرائيل - مع أمه، والتي حكاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وكان جريج رجلاً عابداً، فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج! فقال: يا رب! أمي وصلاتي؟ فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج! فقال: يا رب! أمي وصلاتي؟ فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج! فقال: أي رب! أمي وصلاتي؟ فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته، وكانت امرأةُ بغيٌ يُتَمَثَّلُ بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته، فأمكنته من نفسها، فوقع عليها، فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاؤوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال: يا غلام! من أبوك؟ قال: فلان الراعي، فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا).

فجريج كان يصلي صلاة من صلوات النوافل، فأبى أن يقطعها ويجيب أمه، وظن أن استكماله الصلاة النافلة أفضل من إجابة أمه وبرها، وفعل ذلك ثلاث مرات في ثلاثة أيام مختلفة، وهو في هذه الثلاث لا يرد عليها ولا يجيب، فدعت عليه، فاستجاب الله دعاءها، ليلقنه الله درساً عظيماً في ترتيب الأولويات في دين الله، وليعلمه أن بر الوالدين والإحسان إليهما أعظم وأفضل - في ميزان العبد يوم القيامة - من صلاة النوافل والمستحبات.

ولأهمية هذا الدرس العظيم الذي تعلمه جريج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يعلمه لأمته رحمة بها، وحتى لا تقع في ذلك الخطأ الذي وقع فيه جريج، وخاصة من الصالحين وحملة الدين ومن هم على شاكلة جريج، لأن عقوبتهم تكون أشد من غيرهم.

وأقول أيضاً لهذه القلة من الإخوة الذين لا يحسنون إلى والديهم:

تذكروا أُويساً القرني ذلك التابعي الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم - محدثاً عمر بن الخطاب -: (يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بَرٌّ، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)، فظل عمر بن الخطاب يسأل عنه كل مدد يأتي من اليمن، حتى لقيه، فذكر له الحديث، ثم قال: (استغفر لي)، فاستغفر له أويس.

فتأملوا - إخواني - تلك الدرجة السامقة التي تبوأها ذلك التابعي، وما أرفعها والله من درجة! فوالله لو ظللت أشرح علوها ورفعتها صفحاتٍ، ما أغنت عن بيانها شيئاً ويكفي هذا التابعيَّ أن يمدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقص قصته على الصحابي، بل ويأمر عمر بن الخطاب - مع جلالة قدره - أن يطلب منه الاستغفار، وما أدراك من عمر بن الخطاب ومكانته في دين الله وعند الله! ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه هذا التابعي لو أقسم على الله لأبره.

بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة إذا قابلوا هذا التابعي أن يطلبوا منه أن يستغفر لهم، فقد ورد في إحدى روايات الإمام مسلم قولُه صلى الله عليه وسلم: (فمن لقيه منكم فليستغفر لكم)، وفي رواية أخرى: (فمروه فليستغفر لكم).

وكل ذلك الشرف وهذه المكانة العظيمة التي تبوأها أويس القرني من أسبابها بره لوالدته، فسبحانك يا رب! فكيف لو كان والده حياً وكان يبرهما معاً؟! إن هذا لدرس عظيم لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

إنني أنادي جميع الإخوة وأناشدهم قائلاً لهم:

إن أولى الناس بدعوتكم هم والديكم وأهليكم وأقاربكم، ألم تسمعوا قول الله عز وجل: {وأنذر عشيرتك الأقربين}؟ فهل يحب أحد منكم أن يدخل الجنة ويدخل أحد والديه النار؟ أو يعذب يوم القيامة نتيجة تقصيره في دعوتهم للحق والهدى والنور؟

كما أناشد كل أخٍ؛ أن يرفق بالناس عامة، وبوالديه وأهله وأقاربه خاصة، وأقول له: إذا وجدت أحد والديك - أو كليهما - على معصية فعليك بالرفق واللين في دعوتهم، وتذكر أنه لا يجوز لك شرعاً من درجات تغيير المنكر مع الوالدين إلا الدرجة الأولى فقط، وهي التغيير بالقول اللطيف والرفق واللين، وعليك أن تعصيهما في المعصية فقط، أما أن تعصيهما على طول الطريق بمجرد أنهما مقصران في بعض أمور الدين، فذلك لا يجوز لك إطلاقاً.

فعليك أن تطيعهما في كل مباح أو مندوب أو واجب في الدين، حتى لو كانا من العصاة، أو حتى من الكفار، وعليك أن تحسن صحبتهما، وتعاشرهما بالمعروف، وتخدمهما، وتنفق عليهما إن كنت تستطيع ذلك.

وإياك أن تُشْعِرَ والديك يوماً بالانتقاص منهما والاستطالة عليهما، أو أن تشعر والدك خاصة بأنه كَمٌّ مُهْمَلٌ في البيت، وأنك أصبحت السيد المسيطر المتحكم في البيت رغماً عنه، فتضرب أشقاءك وشقيقاتك بسببٍ وبغير سببٍ، وتشمخ على الجميع، كل ذلك تحت دعوى تغيير المنكرات التي في البيت! ولعل إفسادك في هذه الأمور كلها يكون أشد من منكر قد يكون مختلفاً عليه بين العلماء.

ولو أنك دعوتهم دعوة صحيحة سليمة على بصيرة وعلمتهم الدين حقاً، لوجدت الأمور كلها قد استقامت كما تحب وأكثر مما تحب، بل قد تجد من أفراد أسرتك من هو أفضل منك، وأعظم قرباً إلى الله منك.

ومن خلال تجربة طويلة في الحياة؛ وجدتُ أن عاقَّ والديه لا يستمر في طريق الحق طويلاً، ولا يسير مع الجماعة المسلمة إلا خطوات قليلة، ثم ما يلبث أن يفتتن بالدنيا ويذهب بعيداً من حيث جاء، ولعل السرَّ في ذلك - والله أعلم -: أن من لا خير له في والديه - وهما سبب وجوده في الحياة - لا خير له في دينٍ أو إسلامٍ أو جماعةٍ مسلمةٍ.

وعلى الدعاة والقادة في الجماعة المسلمة؛ أن يسألوا إخوانهم وجنودهم عن علاقتهم بوالديهم وأهلهم، وأن يطمئنوا على تنفيذ قوله تعالى: {وبالوالدين إحساناً}، إذ إن معصيةً كمعصية العقوق لو ذاعت وانتشرت يمكن أن تهلك الجماعة المسلمة كلها، وتكون سبباً في غضب الله عليها وإنزال سخطه سبحانه وتعالى - نعوذ بالله من ذلك -

ونحن إذا تأملنا الواقع الحالي؛ وجدنا - ولله الحمد - علاقة قوية بين الأخوة وأسرهم، ووجدنا محبة عظيمة واحتراماً متبادلاً بين الاثنين، ووجدنا معظم أسر الإخوة ما تلبث بعد عام أو عامين على الأكثر - من التزام الأخ - أن تدخل كلها في دائرة الالتزام الجاد بالإسلام وبتعاليمه كلها، بل قد نجد من بين أفراد هذه الأسرة من هو أقوى التزاماً وأفضل وأثبت من الأخ نفسه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وإني أشهد هاهنا شهادة حق؛ إن آباء الأخوة وأمهاتهم وزوجاتهم تحملوا طوال سنوات عديدة مضت كلَّ الشدائد في سبيل الله، وضربوا أروع الأمثلة في الصبر والثبات على الحق والوقوف وقفة صلبة خلف الإخوة المجاهدين.

ولعل أعظم شاهد على ذلك؛ مئات الأمهات والآباء والزوجات الذين يقفون كل يومٍ بالساعات تحت حر الشمس المحرقة في الصيف، وتحت المطر في الشتاء، ويلاقون من العنت والمشقة والأذى والتكلفة أكثر مما يتحمله الأخ نفسه، وينتظرون الشهور والسنين صابرين على فراق الأبناء والأزواج، ويحرمون أنفسهم من شهي الطعام ليذهبوا به إلى أبنائهم، وقد يبيت بعضهم على الطوى، وهم مع كل ذلك صابرون محتسبون، فهم في جهاد عظيم لا يقل شموخاً وعظمة عن جهاد أبنائهم وأزواجهم - إن لم يكن يزيد عنه -

وقد كان لثباتهم وصبرهم واحتسابهم أكبر الأثر في ثبات أبنائهم وأزواجهم على الحق، وتحملهم الشدائد في سبيل الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بر الوالدين فريضة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
.::الملتقى الاسلامي في العراق::. :: 

¤©§][§©¤][ منوعات الملتقى ][¤©§][§©

 :: الدروس والكتب العلمية
-
انتقل الى: