ابو البراء
{{}} عضـو اساسي {{}}
المساهمات : 363 تاريخ التسجيل : 31/07/2007 العمر : 37 الموقع : الملتقى الإسلامي
| موضوع: لطائف من كتب التفسير 02.09.07 20:28 | |
| أثناء تطواف الواحد منا في كتب التفسير؛ يصدفه بعض اللطائف والنكت متفرقة هنا وهناك. واصطيادها وتقييدها مما يعين على الاستفادة منها؛ حتى لا تضيع وسط هذا الكم الكبير مما نقرأ ونسمع. ولأن زكاة العلم في نشره؛ أحببت أن أشارك إخواني وأخواتي في كنوز عثرت عليها وأنا أعيش مع كتب التفسير؛ ولا يظنن أحد أن صفة (الإيثار) هي التي دفعتني لهذا الأمر؛ فبضاعتي العلمية مزجاة؛ إنما هو (الطمع) في استثارة علمائنا أعضاء الملتقى ليخرجوا لنا بضاعتهم التي في رحالهم؛ فأوفوا لنا الكيل وتصدقوا علينا إن الله يجزي المتصدقين!!! والآن مع اللطيفة الأولى التطور التاريخي للكلمة يتميز الشهاب الخفاجي -في حاشيته على تفسير البيضاوي- بوقوفه على التطور التاريخي للكلمة، وبيان التدرج في استعمالها عبر الفترات التي مرَّت بها اللغة العربية. والأمثلة على بيانه لأصل المفردة وتطورها في الاستعمال كثيرة اخترت منها المثالين التاليين: المثال الأول: كلامه عن أصل الوضع اللغوي لكلمة: (الكتاب) وتطور معناها. قال الشهاب - في تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة:2]-: قال الراغب (أي في كتابه "المفردات"): "الكَتْبُ: ضم أديم إلى أديم بالخياطة، يقال: (كتبت السقاء). وفي المتعارف: ضم الحروف بعضها إلى بعض، والأصل في الكتابة: النظم بالخط. وقد يقال ذلك للمضموم بعضه إلى بعض باللفظ، لكن قد يستعار كل واحد للآخر؛ ولذا سُمِّي (كتاب الله) وإن لم يكن كتاباً..." وحاصله أن أصل حقيقته في اللغة: مطلق الضم، ثم خُصَّ بفرد منه وهو ضم الحروف بعضها إلى بعض في الخط، وصار حقيقة فيه لغة أيضاً، ثم شاع في عرف اللغة إطلاقه على الخط والصحيفة المكتوب فيها، فلا يسمى قبل الكتابة كتاباً. المثال الثاني: قال تعالى: {وَابْتَلُواْ اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُواْ النِكَاحَ فِإنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6]. توقف الشهاب عند كلمة: {آنَستُمْ} وتكلم عن معنى الإيناس فقال: أصل معنى الإيناس: النظر من بُعد مع وضع اليد على العين إلى قادم ونحوه مما يُؤنس به، ثم عمَّ في كلامهم. قال الشاعر: آنستْ نبأةً وأفزعها القناص عصراً وقد دنا الإمساء أي: أحست أو أبصرت... ثم استعير للتبين؛ أي: علم الشيء بيّناً؛ إذ الرُّشْد مما يُعلم ولا يُبصر. | |
|
ابو البراء
{{}} عضـو اساسي {{}}
المساهمات : 363 تاريخ التسجيل : 31/07/2007 العمر : 37 الموقع : الملتقى الإسلامي
| موضوع: رد: لطائف من كتب التفسير 02.09.07 20:30 | |
| [size=25][size=21][size=25][size=29]اللطيفة الثانية
إسناد الإرادة في قصة موسى والخَضِر عليهما السلام في قصة موسى والخَضِر عليهما السلام التي جاءت في سورة الكهف(*)؛ نرى أن الخضر عَلَّلَ خَرْقَه للسفينة بقوله: {فأردتُ أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً}[الآية:79]، وعلل قَتْلَه للغلام بقوله: {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاةً وأقرب رُحماً}[الآية:81]، وعلل إقامته لجدار اليتيمين بقوله: {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما}[الآية:82]. في الآيات السابقة نرى إسنادَ الخضر الإرادةَ أولاً إلى نفسه: {فأردتُ}، وثانياً إلى الله وإلى نفسه: {فأردنا}، وثالثاً إلى الله وحده: {فأراد ربك}! ونحن نعلم أنه ما من لفظ -بل ما من حرف- في القرآن يمكن أن يقوم غيره مقامه. فما سر هذا التغاير في الإسناد؟! هذا ما حاول المفسرون الإجابة عنه، وقد اخترتُ بعض أقوالهم مما ذكره الآلوسي رحمه الله في تفسيره "روح المعاني".. قال رحمه الله ما مختصره: قيل: ولعل إسناد الإرادة أولاً إلى ضمير المتكلم وحده أنه الفاعل المباشر للتعييب، وثانياً إلى ضمير المتكلم ومعه غيره؛ لأن إهلاك الغلام بمباشرته وفعله، وتبديل غيره موقوف عليه وهو محض فعل الله وقدرته. وثالثاً إلى الله تعالى وحده؛ لأنه لا مدخل له عليه السلام في بلوغ الغلامين. وقيل: إن الأول شر؛ فلا يليق إسناده إليه سبحانه وإن كان هو الفاعل جل وعلا، والثالث خير؛ فأفرد إسناده إلى الله عز وجل. والثاني ممتزج خيره -وهو تبديله بخير منه- وشره -وهو القتل-؛ فأسند إلى الله تعالى وإلى نفسه نظراً لهما. والذي يخطر ببال العبد الفقير -أي الآلوسي- أنه روعي في الجواب حال الاعتراض وما تضمَّنه وأشار إليه؛ فلما كان الاعتراض الأول بناء على أن لام {لِتُغْرِقَ} [الآية:71] للتعليل متضمناً إسناد إرادة الإغراق إلى الخضر عليه السلام، وكان الإنكار فيه دون الإنكار فيما يليه -بناء على ما اختاره المحققون من أن {نُكْراً} [الآية:74 ] أبلغ من {إمْراً} [الآية:71]- ناسب أن يشرح بإسناد إرادة التعييب إلى نفسه المشير إلى نفي إرادة الإغراق عنها التي يشير كلام موسى عليه السلام إليها، وأن لا يأتي بما يدل على التعظيم أو ضم أحد معه في الإرادة لعدم تعظيم أمر الإنكار المحوج لأنْ يُقَابَل بما يدل على تعظيم إرادة خلاف ما حسبه عليه السلام وأنكره. ولما كان الاعتراض الثاني في غاية المبالغة والإنكار ناسب أن يشير إلى أن ما اعتُرض عليه وبولغ في إنكاره قد أريد به أمر عظيم ولو لم يقع لم يؤمَن من وقوع خطب جسيم؛ فلذا أسند الخشية والإرادة إلى ضمير المعظِّم نفسه أو المتكلم ومعه غيره؛ فإن في إسناد الإرادة إلى ذلك تعظيماً لأمرها، وفي تعظيمه تعظيم أمر المراد، وكذا في إسناد الخشية إلى ذلك تعظيم أمرها، وفي تعظيمه تعظيم أمر المخشي. ولما كان الاعتراض الثالث هينا جداً؛ حيث كان بلفظ لا تصلُّب فيه ولا إزعاج في ظاهره وخافيه، ومع هذا لم يكن على نفس الفعل؛ بل على عدم أخذ الأجرة عليه للاستعانة بها على إقامة جدار البدن وإزالة ما أصابه من الوهن؛ فناسب أن يلين في جوابه المقام ولا ينسب لنفسه -استقلالاً أو مشاركةً- شيئاً ما من الأفعال؛ فلذا أسند الإرادة إلى الرب سبحانه، ولم يكتف بذلك حتى أضافه إلى ضميره عليه السلام، ولا ينافي ذلك ترك النكير والعتاب؛ لأنه متعلق بمجموع ما كان أولاً من ذلك الجناب، هذا والله تعالى أعلم بحقيقة أسرار الكتاب، وهو سبحانه الموفق للصواب. هامش: (*) ثبت في الصحيحين أن العبد الصالح الذي جاء ذكره في هذه القصة هو الخضر عليه السلام. انظر: صحيح البخاري، بَاب (مَا ذُكِرَ فِي ذَهَابِ مُوسَى فِي البَحْرِ إِلَى الخَضِرِ) وبَاب (حَدِيثِ الخَضِرِ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلام)، وانظر أيضاً: صحيح مسلم، بَاب (مِنْ فَضَائِلِ الخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلام).[/size][/size][/size][/size] | |
|
ابو البراء
{{}} عضـو اساسي {{}}
المساهمات : 363 تاريخ التسجيل : 31/07/2007 العمر : 37 الموقع : الملتقى الإسلامي
| موضوع: رد: لطائف من كتب التفسير 02.09.07 20:31 | |
| {وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ . وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلى الأَرْضِ وَاتبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذلِكَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذيِنَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 175-176]. قال ابن القيم رحمه الله: فشبَّه سبحانه مَن آتاه كتابه وعلَّمه العلمَ الذي منعه غيرَه، فترك العمل به واتَّبع هواه، وآثر سخط الله على رضاه، ودنياه على آخرته، والمخلوق على الخالق، بالكلب الذي هو مِن أخبث الحيوانات، وأوضعها قدراً، وأخسِّها نفساً، وهمَّته لا تتعدى بطنه، وأشدها شرهاً وحرصاً! ومِن حرصه أنَّه لا يمشي إلا وخطمه في الأرض؛ يتشمَّم ويستروح حرصاً وشرهاً، ولا يزال يَشُمُّ دبره دون سائر أجزائه، وإذا رميتَ إليه بحجرٍ رجع إليه ليعضه من فرط نهمته. ومِن عجيبِ أمره وحرصه أنَّه إذا رأى ذا هيئةٍ رثةٍ وثيابٍ دنيَّةٍ وحالٍ زرِيَّةٍ؛ نبحه وحمل عليه؛ كأنَّه يتصور مشاركتَه له ومنازعتَه في قُوتِه. وإذا رأى ذا هيئةٍ حسنةٍ وثيابٍ جميلةٍ ورياسةٍ؛ وضع له خطمه بالأرض، وخضع له، ولم يرفع إليه رأسه. وفي تشبيه مَن آثر الدنيا وعاجلها على اللهِ والدارِ الآخرةِ -مع وفور علمه- بالكلب في حال لهثه سِرٌّ بديعٌ؛ وهو أنَّ هذا الذي حاله ما ذكره الله -مِن انسلاخه مِن آياته واتباعه هواه- إنما كان لشدة لهفه على الدنيا لانقطاع قلبه عن الله والدار الآخرة؛ فهو شديد اللهف عليها. ولهفه نظير لهف الكلب الدائم في حال إزعاجه وتركه. واللهف واللهث شقيقان وأخوان في اللفظ والمعنى. قال ابن جريج: "الكلبُ منقطعُ الفؤاد، لا فؤاد له، إنْ تحمل عليه يلهث، أو تتركه يلهث؛ فهو مثل الذي يترك الهُدى، لا فؤاد له، إنما فؤاده منقطعٌ". قلت: مراده بانقطاع فؤاده أنَّه ليس له فؤادٌ يحمله على الصبر عن الدنيا وترك اللهف عليها؛ فهذا يلهف على الدنيا مِن قلة صبره عنها،وهذا يلهث مِن قلة صبره عن الماء؛ فالكلب مِن أقل الحيوانات صبراً عن الماء، وإذ عطش أكل الثرى من العطش. وعلى كلِّ حالٍ فهو مِن أشدِّ الحيوانات لهثاً؛ يلهث قائماً وقاعداً، وماشياً وواقفاً؛ وذلك لشدَّة حرصه، فحرارةُ الحرصِ في كبده توجبُ له دوام اللهث. فهكذا مشبَّهه؛ شدةُ الحرص وحرارةُ الشهوة في قلبه توجب له دوام اللهث؛ فإنْ حَمَلْتَ عليه بالموعظة والنصيحة فهو يلهث، وإن تركتَه ولم تعظْه فهو يلهث. قال مجاهد: "ذلك مثَل الذي أوتي الكتاب ولم يعمل به". وقال ابن عباس: "إنْ تحمل عليه الحكمة لم يحملْها، وإن تتركْه لم يهتدِ إلى خيرٍ؛ كالكلب إنْ كان رابضاً لهث، وإنْ طُرد لهث". وقال الحسن: "هو المنافق لا يثبت على الحقِّ، دُعي أو لم يُدْع، وُعظ أو لم يُوعظ؛ كالكلب يلهث طرداً وتركاً". وقال أبومحمد بن قتيبة: "كلُّ شيءٍ يلهثُ فإنما يلهثُ مِن إعياءٍ أو عطشٍ إلا الكلب؛ فإنَّه يلهث في حالِ الكلال وحالِ الراحة، وحالِ الصحة وحالِ المرض والعطش؛ فَضَرَبَهُ الله مثلاً لمن كذَّب بآياته، وقال: إنْ وعَظْتَه فهو ضالٌّ، وإن ترَكْتَه فهو ضالٌّ؛ كالكلب إنْ طردتَّهُ لهث، وإنْ تركْتَه على حاله لهث. ونظيره قوله سبحانه: {وَإِنْ تَدْعُوهُم إِلى الهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُم سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُم أَمْ أَنْتُم صَامِتُونَ} [الأعراف:193].
(التفسير القيّم لابن القيّم) | |
|
ابو البراء
{{}} عضـو اساسي {{}}
المساهمات : 363 تاريخ التسجيل : 31/07/2007 العمر : 37 الموقع : الملتقى الإسلامي
| موضوع: رد: لطائف من كتب التفسير 02.09.07 20:32 | |
| التعليل اللغوي القارئ في كثير من التفاسير اللغوية يلحظ لجوء أصحابها إلى التعليل أثناء مناقشتهم لبعض المسائل اللغوية بهدف إيضاح المعنى وزيادة الفائدة؛ فنراهم يبيِّنون معنى اللفظة ويذكرون سبب تسميتها بهذا الاسم. ومن هؤلاء المفسرين شهاب الدين الخفاجي في حاشيته على تفسير البيضاوي المسماة "عناية القاضي وكفاية الراضي". ومن أمثلة تعليلاته اللغوية: أولاً: تعليل تسمية (الناس) بهذا الاسم: ذكر ذلك عند قوله تعالى: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَا بِاللهِ وَبِاليَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِين} [البقرة:8]؛ فبيَّن الأقوال في هذه المسألة، وملخص كلامه أن: 1. هذه الكلمة مأخوذة من (أَنِسَ) من (الأُنس) ضد الوحشة؛ لأن الإنسان يأنس بجنسه، واستشهد على ذلك بقول الشاعر: وما سُمِّي الإنسان إلا لأُنسـه ولا القلب إلا أنه يتقلَّب 2. هذه الكلمة مأخوذة من (آنس) بمعنى: أبصر. فسُمِّي الإنسان بذلك؛ لأنه ظاهر محسوس. 3. مِن (نَسِيَ) بالقلب؛ لقوله تعالى في آدم: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه:115]. قال الشاعر: نسيت وعدك والنسيان مغتفر فاغفر فأول ناس أول الناس ثانياً: تعليله اشتقاق (المَيْسِر): فعند قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الخَمْرِ وَالمَيْسِر} [البقرة:219] ذَكَرَ أن الميسر "مصدر، وفعله: (أيسر) من اليسار؛ لأنه يأخذ ما يأخذه بيسر؛ أي: سهولة، أو الهمزة فيه للسلب؛ لأنه يسلب اليسار". ثالثاً: بيان سبب تسمية (المسجد الأقصى) بهذا الاسم: ذكره عند قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء:1]. قال البيضاوي في نفسير الآية: "{إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى}: بيت المقدس؛ لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد". قال الشهاب: "قوله (لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد). وجهٌ لتسميته بـ(الأقصى) بمعنى الأبعد؛ فهو أبعد بالنسبة إلى مَن بالحجاز، وفي "تاريخ القدس" أنه سُمِّي به لأنه أبعد المساجد التي تُزار من المسجد، وقيل: لأنه ليس وراءه موضع عبادة، وقيل: لبعده عن الأقذار والخبائث". | |
|
ابو البراء
{{}} عضـو اساسي {{}}
المساهمات : 363 تاريخ التسجيل : 31/07/2007 العمر : 37 الموقع : الملتقى الإسلامي
| موضوع: رد: لطائف من كتب التفسير 02.09.07 20:33 | |
| المناسبة بين سورتي الفيل وقريش لماذا لم يكن ترتيب آيات القرآن وسوره حسب النزول أو الموضوعات أو غير ذلك مما يتطرق إليه الاحتمال؟! وللإجابة على هذا السؤال كان علم المناسبات بين الآيات والسور؛ أي: وجوه الاتصال والارتباط بين الآيات والسور. فالقرآن آخذٌ بعضه بِحُجَز بعض، وهو نَظْمٌ بديع من أوله إلى آخره، مرتَّب ترتيباً عجيباً ليس وفق أيٍّ من المعايير التي قد تخطر على البال لأول وهلة. وهو يسهم في الكشف عن بعض مظاهر إعجاز هذا القرآن العظيم (الوجيز في علوم الكتاب العزيز، الدكتور محمد المجالي، ص 195 – 202 بتصرف). ومن الأمثلة عليه: المناسبة بين سورتي الفيل وقريش؛ فالاتصال بين السورتين وثيق حتى كأنهما سورة واحدة! ولذا نعلم السرَّ في مجيء سورة قريش بعد سورة الفيل. قال صديق حسن خان في "تفسيره": {لإيلاف قريش} [قريش:1] اللام: قيل مُتَعَلِّقة بآخر السورة التي قبلها -أي سورة الفيل-، كأنه قال سبحانه: أهلكت أصحاب الفيل لأجل تألف قريش. قال الفرَّاء: "هذه السورة متصلة بالسورة الأولى؛ لأنه ذكَّر سبحانه أهلَ مكة بعظيم نعمته عليهم فيما فعل بالحبشة، ثم قال: {لإيلاف قريش}؛ أي فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش". قال الزجاج: "والمعنى: فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش؛ أي: أهلك الله أصحاب الفيل لتبقى قريش وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف". فتح البيان في مقاصد القرآن 7/ 553 – 554 بتصرف
| |
|
ابو البراء
{{}} عضـو اساسي {{}}
المساهمات : 363 تاريخ التسجيل : 31/07/2007 العمر : 37 الموقع : الملتقى الإسلامي
| موضوع: رد: لطائف من كتب التفسير 02.09.07 20:34 | |
| الحروف المُقَطَّعَة ومقاصد السور تأمل سر (الم) كيف اشتملت على هذه الأحرف الثلاثة؛ فالألف إذا بُدئ بها أولاً كانت همزة، وهي أول المخارج من أقصى الصدر، واللام من وسط مخارج الحروف، وهي أشدها اعتماداً على اللسان، والميم آخر الحروف ومخرجها من الفم. وهذه الثلاثة هي أصول مخارج الحروف أعني: الحلق واللسان والشفتين... مع تضمنها سراً عجيباً وهو أن الألف البداية واللام التوسط والميم النهاية؛ فاشتملت الأحرف الثلاثة على البداية والنهاية والواسطة بينهما. وكل سورة استفتحت بهذه الأحرف الثلاثة فهي مشتملة على بدء الخلق ونهايته وتوسطه -أي التشريع والأوامر-، فتأمل ذلك من البقرة، وآل عمران، والسجدة، والروم. وتأمل السور التي اشتملت على الحروف المفردة كيف تجد السورة مبنية على كلمة ذلك الحرف؛ فمن ذلك: سورة (ق)، والسورة مبنية على الكلمات القافية: من ذكر القرآن، وذكر الخلق، وتكرير القول ومراجعته مراراً، والقرب من ابن آدم، وتلقي الملكين قول العبد، وذكر الرقيب، وذكر السائق والقرين، والإلقاء في جهنم، والتقديم بالوعيد، وذكر المتقين، وذكر القلب، والقرون، والتنقيب في البلاد، وذكر القيل مرتين، وتشقق الأرض، وإلقاء الرواسي فيها، وبسوق النخل والرزق، وذكر القوم وحقوق الوعيد. وسرٌّ آخر وهو: أن كل معاني هذه السور مناسبة لما في حرف القاف من الشدة والجهر والعُلُوّ. وإذا أردت زيادة إيضاحِ هذا فتأمل ما اشتملت عليه سورة (ص) من الخصومات المتعددة؛ فأولها خصومة الكفار مع النبي، ثم اختصام الخصمين عند داود، ثم تخاصم أهل النار، ثم اختصام الملأ الأعلى، ثم مخاصمة إبليس واعتراضه على ربه في أمره بالسجود لآدم، ثم خصامه ثانياً في شأن بنيه وحلفه ليغوينَّهم أجمعين إلا أهل الإخلاص منهم. فليتأمل اللبيب الفطن هل يليق بهذه السورة غير (ص)، وبسورة (ق) غير حرفها؟! وهذه قطرة من بحر من بعض أسرار هذه الحروف. والله أعلم. (بدائع الفوائد لابن القيم 3/ 173-174بتصرف واختصار)
| |
|