بسم الله الرحمن الرحيم
"أحاديث ضعفها الشيخ عبد العزيز الطريفي في الصيام وفوائد أخرى"
وهي في الأصل الأحاديث التي ذكرها الشيخ حفظه الله في محاضرته "أحاديث الصيام المعلة"
تنبيه ما بين المعقوفين فهو من كلام(مفرغ الشريط)وفقه الله
[الشريط الأول]
أحاديث الصيام الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هو معلول ومحل احتجاج عند العلماء ومما هي فيها كلام وإعلال في مسائل الصيام هي أكثر من خمسين حديثا ومدارها على نحو الثلاثين.
[الحديث الأول]
ما يروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يدعون الله جل وعلا ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، فهذا لا أعلم له إسنادا يثبت عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو مروي عن بعض السلف من غير ذكر الصحابة وما قد جاء من قول معلم بن الفضل وجاء على الإطلاق من حديث يحيى بن أبي كثير وجاء عند الطبراني في كتابه الدعاء وكذلك في السنن من حديث عبادة بن الصامت موقوفا على يحيى بن أبي كثير ولا يصح إسناده .
[الحديث الثاني]
ومنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان". هذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في مسنده وجاء عند بعض أهل السنن وقد رواه أيضا البيهقي والطبراني وغيرهم من حديث زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري عن أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا دخل رجب قال "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" وعليه يعلم أنه لا يثبت في فضل رجب شيء من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في صيام ولا في قيام كما نص على ذلك غير واحد من الحفاظ كأبي إسحاق الهروي وكذلك نص عليه الحافظ ابن حجر عليه رحمة الله تعالى وغيرهما.
[الحديث الثالث]
ومن ذلك أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا". وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد ورواه بعض أهل السنن من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا". وهذا الحديث منكر ولا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أعله عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن معين فقال "منكر الحديث" وكذلك أعله الإمام النسائي كما في كتابه السنن فقال "هذا الحديث ليس بمحفوط وأعله كذلك النسائي [في موضع آخر] فقال "لا نعرفه إلا من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" وأعله كذلك وأنكره الإمام أحمد فقال "ما روى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا أنكر من هذا" وعليه فإن الصيام في شعبان كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان يصوم شعبان حتى يقال "لا يفطر" وكان يفطر حتى يقال "لا يصوم" وعلى هذا يدل على أن هذا الخبر منكر ولهذا قد خالفه الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى فعلا من جهة قوله بصيام يوم الشك وهذا مروي أيضا بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى.
[الحديث الرابع]
وقرب رمضان جاء فيه جملة من الأحاديث من التهنئة به عند دخوله وكل ما جاء في هذا الباب لا يثبت من التهنئة بدخول رمضان وبحلول شهر الصيام وجاء في ذلك جملة من الأحاديث، أشهرها ما رواه ابن خزيمة في كتابه الصحيح من حديث علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي قال "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال "أيها الناس قد أظلكم شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا، من تطوع فيه كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن سبعين فريضة فيما سواه. من فطر فيه صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا"". وهذا الخبر لا يصح : قد أعله أبو حاتم كما في كتابه العلل فقال "منكر" وأعله كذلك ابن خزيمة في كتابه الصحيح فقد ترجم له قبل إيراده قال "باب فضائل شهر رمضان إن صح الخبر". وابن خزيمة عليه رحمة الله تعالى حينما يترجم على خبر من الأخبار بهذه الترجمة بصيغة الشك فيقول "إن صح الخبر" فإنه يريد إعلال ما في هذا الباب ولا يريد أنه تردد في هذا. وأعله أيضا العقيلي كما في كتابه الضعفاء فقال "قد روي هذا الحديث من غير وجه ليس له إسناد يثبت" وعليه يعلم أن هذا هو أشهر حديث قد جاء في التهنئة بدخول رمضان ولهذا قال ابن رجب عليه رحمة الله تعالى في كتابه اللطائف "وهذا هو أشهر خبر وهو أصل في التهنئة بدخول رمضان
وروي جملة من الأخبار أيضا بنحوه :قد روى الإمام أحمد والنسائي في سننه من حديث أيوب بن أبي تميم السختياني عن أبي قلابة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أيها الناس قد حضركم شهر مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر" وهذا الحديث لا يصح فإن في إسناده أبو قلابة فإنه لم يسمع من أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى وروايته عنه مرسلة. وأصل الخبر في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "شهر رمضان فيه تفتح أبواب السماء وتغلق أبواب جهنم وتصفد الشياطين" ولم يذكر قوله في أوله "قد أظلكم شهر مبارك" فإن هذه شاذة غير محفوظة قد تفرد بها أيوب بن أبي تيم السختياني بروايته عن أبي قلابة عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى. وجاء أيضا من وجه آخر ولا يصح كما رواه ابن ماجه في سننه من حديث محمد بن بلال عن عمران بن داود القطان عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أيها الناس قد حضركم شهر كريم، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمه حرم الخير كله" وهذا الحديث قد تفرد به محمد بن بلال قد أعله غير واحد من الأئمة كالدارقطني عليه رحمة الله ومحمد بن بلال يهم ويغلط كما قال ذلك العقيلي في كتابه الضعفاء وأعله كذلك ابن عدي في كتابه الكامل فقال أنه يغرب رواياته عن عمران وهذا الحديث لا يصح وقد أعل بعمران فقد ضعفه غير واحد من الأئمة ضعفه يحيى بن معين وكذلك ابن المديني والنسائي وأبو داود وغيرهم، وعلى كل فالخبر لا يصح. وعليه يقال أن إيراد هذه الأحاديث وإعلالها لبيان أنه لا يثبت نسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيء منها. أما التهنئة من جهة ورود الخير على إنسان من جهة موسم أو مكان أو حلول بمكان أو نحو ذلك فإن هذا مما لا حرج فيه، قد نص عليه غير واحد من الأئمة كالإمام أحمد والإمام الشافعي وغيرهما. وقد صنف في هذا الإمام السيوطي عليه رحمة الله تعالى رسالة في التهاني وأحكامها باسم "أصول الأماني بأصول التهاني" ومال إلى مشروعية ذلك، وقد مال إليه أيضا الحافظ ابن رجب عليه رحمة الله تعالى في كتابه اللطائف وإن كان قد أعل حديث سلمان الفارسي عليه رضوان الله تعالى وما يدل على هذا ويعضده أن النبي عليه الصلاة والسلام لما هاجر الثلاثة الذين خلفوا ومنهم كعب بن مالك عليه رضوان الله تعالى لما تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت توبتهم من السماء هنأهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما من الله عز وجل عليه بقبول توبته.
[الحديث الخامس]
ومن ذلك أنه لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أو ذكر أو دعاء عند رؤية هلال رمضان، وما جاء فيه فإنه ضعيف. وما يروى "اللهم أهل علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام" فخبر منكر، قد أعله العقيلي في كتابه الضعفاء فقال "قد جاء بالذكر والدعاء عند رؤية الهلال أحاديث أسانيدها ضعيفة، هذا أحسنها عندي وهو لين" وعليه لا يصح شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رؤية الأهلة سواء كان هلال رمضان أو غيره.