.::الملتقى الاسلامي في العراق::.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 معنى قول الإمام الترمذي : حسن صحيح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو البراء

{{}} عضـو اساسي {{}}


{{}} عضـو اساسي {{}}
ابو البراء


المساهمات : 363
تاريخ التسجيل : 31/07/2007
العمر : 37
الموقع : الملتقى الإسلامي

معنى قول الإمام الترمذي : حسن صحيح Empty
مُساهمةموضوع: معنى قول الإمام الترمذي : حسن صحيح   معنى قول الإمام الترمذي : حسن صحيح I_icon_minitime25.09.07 14:16

[بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
وبعد :
فقد سبق لي قبل سنين عدة بحث في مراد الإمام الترمذي بقوله في الحكم على جملة من أحاديث جامعه : ( هذا حديث حسن صحيح ) ، وقد جمعت فيه بين الجانبين النظري والتطبيقي ، حيث جمعت كلام أهل العلم في توجيه قوله هذا ، ثم درست نحو مئة حديث حكم عليها بهذا الحكم .
وإنما أنشر هذا البحث رغبة في الاستفادة من ملاحظات الإخوة ، سائلاً الله عز وجل الإعانة والتسديد .

توطئة :
استقر الاصطلاح على أن الصحيح والحسن مرتبتان مختلفتان ، وقسمان متغايران ، لا يسوغ إطلاق أحدهما على الآخر ، كما لا يسوغ الجمع بينهما على أنهما مصطلحان مترادفان ، وذلك لأن الحسن متقاصر عن مرتبة الصحيح .
ولأجل ما تقدم فقد أشكل على كثير من أهل العلم جمع الإمام الترمذي بين الحسن والصحيح في حكمه على جملة كبيرة من الأحاديث في جامعه ، حيث إن في ذلك جمعاً بين نفي القصور وإثباته .
وقد اختلفت أقوال أهل العلم في توجيه ذلك كما سيأتي - إن شاء الله - .
ومما يحسن التنبيه إليه ما ذكره الحافظ ابن الصلاح من اختلاف نسخ جامع الترمذي في ذكر قوله : ( هذا حديث حسن ) ، أو ( هذا حديث حسن صحيح ) ، ونحو ذلك ، وأنه ينبغي أن يصحح المرء أصله على عدة أصول ويعتمد ما اتفقت عليه( ) .

وفيما يلي عرض ما وقفت عليه من أقوال أهل العلم في هذه المسألة ، وبيان ما اعترض به عليها ، وما يمكن الإجابة عنه من هذه الاعتراضات :
القول الأول :
أن يكون الحديث مروياً بإسنادين أحدهما صحيح ، والآخر حسن ، فيكون صحيحاً بالنسبة لإسناد ، حسناً بالنسبة إلى الآخر .
وهذا قول ابن الصلاح( ) ، والنووي( ) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية( ) ، وابن الملقن( ) .
قال الحافظ ابن حجر : ( وعلى هذا فما قيل فيه حسن صحيح فوق ما قيل فيه صحيح فقط إذا كان فرداً ، لأن كثرة الطرق تقوي ) ( ) .
n وقد اعترض ابن دقيق العيد وغيره على هذا القول بأنه يرد عليه الأحاديث التي قيل فيها : ( حسن صحيح ) مع أنه ليس لها إلا مخرج واحد ، وهذا موجود في كلام الإمام الترمذي حيث يقول في مواضع من جامعه : ( هذا حديث حسن صحيح غريب )( ) ، أو : ( هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه )( ) ، أو نحو ذلك مما فيه تصريح بأنه لا يَعْرِفُ له إلا طريقاً واحداً( ) .
وقد أجاب عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بأن ما قيل فيه حسن صحيح غريب قد روي بإسناد صحيح غريب ، ثم روي عن الراوي الأصلي من طريقين ، أحدهما صحيح ، والآخر حسن ، فيكون بذلك حسناً مع أنه صحيح غريب . ( )
وأجاب أيضاً الحافظ سراج الدين ابن الملقن فقال : ( ... اللهم إلا أن يراد بقوله : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، من حديث بعض الرواة ، لا أن المتن لا يعرفه إلا من هذا الوجه بدليل أن الترمذي نفسه لما خرج في كتاب الفتن حديث خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة : (( من أشار إلى أخيه بحديدة ... )) الحديث ، قال : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ، يستغرب من حديث خالد( ) )( ) .
وتعقبه الحافظ العراقي فقال : ( وهذا الجواب لا يمشي في المواضع التي يقول فيها : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، كحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  : (( إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا )) قال أبو عيسى : حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ )( ) .
كما أجاب محمد بن إبراهيم الوزير الصنعاني عما ذكره ابن دقيق العيد فقال : ( يمكن الجواب على الشيخ تقي الدين في هذا الاعتراض بأن الترمذي أراد أنه لا يعرف الحديث بذلك اللفظ كما قيده في المثال ( ) ، وقد ورد معناه بإسناد آخر ، أو يريد من ذلك الوجه كما يصرح به في غير حديث ، مثل أن يكون الحديث صحيحاً غريباً من حديث أبي هريرة أو من حديث تابعي أو مَنْ دونه ، ويكون صحيحاً مشهوراً من غير تلك الطريق ، أو يريد أنه لا يعرف الحديث عن ذلك الصحابي الذي رواه عنه إلا بذلك ، وله إسناد آخر عن صحابي آخر ) . ( )


القول الثاني :
أن يكون المراد بالحُسْن المعني اللغوي .
وقد استحسن هذا الجواب الحافظ ابن الصلاح( ) .
قال الحافظ ابن كثير : ( ومنهم من يقول إنه حسن باعتبار المتن ، صحيح باعتبار الإسناد ) ( ) .
ومعنى قوله : ( حسن باعتبار المتن ) : أي الحسن اللغوي ، المتضمن جمال العبارات وبلاغتها وقوة التراكيب .
n وقد اعترض ابن دقيق العيد على هذا التوجيه بأنه يلزم عليه أن يطلق على الحديث الموضوع إذا كان حسن اللفظ أنه حسن ، وذلك لا يقوله أحد من أهل الحديث إذا جروا على اصطلاحهم . ( )
وقد أجاب عن هذا الحافظ العراقي فقال : ( قد أطلقوا على الحديث الضعيف بأنه حسن وأرادوا حُسْن اللفظ لا المعنى الاصطلاحي ، فروى ابن عبد البر في كتاب آداب العلم حديث معاذ بن جبل مرفوعاً : (( تعلموا العلم فإن تعليمه ذلك لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ... )) الحديث .
قال ابن عبدالبر : وهو حديث حسن جداً ، ولكن ليس له إسناد قوي .انتهى كلامه( ).
فأراد بالحُسْنِ حُسْنَ اللفظ قطعاً ، فإنه من رواية موسى بن محمد البلقاوي عن عبدالرحيم ابن زيد العمي ، والبلقاوي هذا كذاب ... ، والظاهر أن هذا الحديث مما صنعت يداه ، وعبدالرحيم بن زيد العمي متروك الحديث أيضاً ) . ( )
وقد اعترض ابن حجر على جواب العراقي المتقدم بأن ابن دقيق قد قيـد كلامه بقوله : ( إذا جروا على اصطلاحهم ) ، وهنا لم يجر ابن عبدالبر على اصطلاح المحدثين باعترافه بعدم قوة إسناده ، فكيف يحسن التعقب بذلك على ابن دقيق العيد . ( )
كما ناقش سراج الدين ابن الملقن ما اعترض به ابن دقيق العيد فقال : ( ولك أن تقول لا يرد على الشيخ ما ألزمه به ، لأنه ذكر هذا التأويل للحسن الذي يقال مع الصحيح ، لا للحسن المطلق ، والموضوع لا يقال إنه صحيح ) . ( )
وذكر الحافظ ابن حجر أن ما ذكره ابن دقيق العيد إلزام عجيب ، إذ أن الحكم عليه بالصحة يمنع أن يكون موضوعاً . ( )
n وقد اعترض ابن سيد الناس على هذا التوجيه الذي استحسنه ابن الصلاح فقال Sad وهو أبعد من الأول( ) ، إذ كل حديث رسول الله  حسن ، سواء كان في الأحكام أو الرقائق أو غيرها ، وأيضاً فلو أراد واحداً من المعنيين( ) لَحَسُن أن يأتي بواو العطف المُشَرِّكة فيقول : حسن وصحيح ، ليكون أوضح في الجمع بين الطريقين ، أو السنـد والمتن )( ) .
n وذكر ابن كثير اعتراضاً آخر فقال : ( وفي هذا نظر أيضاً ، فإنه يقول ذلك في أحاديث مروية في صفة جهنم ، وفي الحدود والقصاص ، ونحو ذلك ) ( ) .
وقال ابن الملقن : ( ووهاه بعضهم أيضاً بأن أحاديث الوعيد لا توافق القلب ، بل يجد منها كرباً وألماً من الخوف ، وهي من الأحاديث الحسان ) . ( )
n وقال ابن حجر في الاعتراض على هذا التوجيه : ( ويلزم عليه أيضاً أن كل حديث يوصف بصفة فالحُسْن تابعه ، فإن كل الأحاديث حسنة الألفاظ بليغة ، ولما رأينا الذي وقع له هذا كثير الفرق ، فتارة يقول : حسن فقط ، وتارة صحيح فقط ، وتارة حسن صحيح ، وتارة صحيح غريب ، وتارة حسن غريب ، عرفنا أنه لا محالة جار مع الاصطلاح ، مع أنه قال في آخر الجامع : وما قلنا في كتابنا حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا( ) ، فقد صرح بأنه أراد حسن الإسناد ، فانتفى أن يريد حسن
اللفظ ) . ( )
لكن أجاب السخاوي على اعتراض شيخه بما نقل عن الترمذي في مراده بالحسن ، فقال : ( ولكن لا يتأتى هذا إذا مشينا على أن تعريفه إنما هو لما يقول فيه حسن فقط ) . ( )
قلت : ويمكن أن يعترض على ما أورده الحافظ ابن حجر بأن الإمام الترمذي لما أطلق الحكم بالحُسْن مفرداً ، والحكم بالصحة كذلك ، عرف بأنه في ذلك جار مع الاصطلاح ، وأن كل واحد منهما قسم مستقل بذاته ، فلما جمع بينهما تبين أنه لم يجر في ذلك مع الاصطلاح - والله أعلم - .

القول الثالث :
أن الحسن لا يشترط فيه قيد القصور عن الصحيح،وإنما يجيئه القصور حيث انفرد الحسن، وأما إذا ارتفع إلى درجة الصحة فالحسن حاصل لا محالة تبعاً للصحة ، لأن وجود الدرجة العليا وهي الحفظ والإتقان لا ينفي وجود الدنيا كالصدق ، فيصح أن يقال حسن باعتبار الصفة الدنيا ، صحيح باعتبار الصفة العليا ، ويلزم على هذا أن يكون كل صحيح حسناً، ويؤيده قولهم : حسن ، في الأحاديث الصحيحة ، وهذا موجود في كلام المتقدمين .
وبهذا قال ابن دقيق العيد . ( )
وقوَّاه الحافظ ابن حجر فقال : ( وشبه ذلك قولهم في الراوي : صدوق فقط ، وصدوق ضابط ، فإن الأول قاصر عن درجة رجال الصحيح ، والثاني منهم ، فكما أن الجمع بينهما لا يضر ولا يشكل فكذلك الجمع بين الصحة والحسن ) ( ) .
n وأورد ابن الملقن على هذا القول ما لو كان السند في الدرجة العليا من الصحة حيث اتفق الناس على عدالة رواته .
ثم أجاب عما أورده بندرة ذلك . ( )
n كما اعْتُرِض أيضاً على هذا التوجيه بأنه إذا ثبت صحة الحديث فذكر الحسن عند ذلك لغو لا فائدة منه . ( )
وقد ذكر ابن سيد الناس قول الحافظ أبي عبد الله بن أبي بكر بن المَوَّاق وهو : ( أن الترمذي لم يَخُصَّ الحسن بصفة تميزه عن الصحيح ، فلا يكون صحيحـاً إلا وهو غير شاذ ، ولا يكون صحيحاً حتى يكون رواته غير متهمين ، بل ثقات .
قال : فظهر من هذا أن الحسن عند أبي عيسى صفة لا تخص هذا القسم، بل قد يشركه فيها الصحيح ، فكل صحيح عنده حسن ، وليس كل حسن صحيحاً ، ويشهد لهذا أنه لا يكاد يقول في حديث يصححه إلا حسن صحيح .
واعترض عليه ابن سيد الناس بعد إيراده له فقال : ( بقي عليه أنه اشترط في الحسن أن يروى نحوه من وجه آخر ، ولم يشترط ذلك في الصحيح ، فانتفى أن يكون كل صحيح حسناً ، نعم قوله : وليس كل حسن صحيحاً ، صحيح ) ( ) .
قال ابن حجر مقرراً ما ذكره ابن سيد الناس : ( وهو تعقب وارد واضح على زاعم التدخل بين النوعين ) ( ) .
وقد أجيب عن هذا الاعتراض بأن الترمذي إنما يشترط مجيء الحسن من وجه آخر إذا لم يبلغ مرتبة الصحيح ، فإذا بلغها لم يشترط فيه ذلك ، بدليل قوله في مواضع : هذا حديث حسن صحيح غريب ، فلما ارتفع إلى درجة الصحة أثبت له الغرابة باعتبار فرديته . ( )
قلت : وقد يمكن الإجابة بجواب آخر وهو أن اشتراط الإمام الترمذي في الحسن مجيئه من وجه آخر إنما هو فيما إذا وصفه بالحُسْن مفرداً ، دون ما جمع فيه مع الوصف بالحُسْن الصحة أو الغرابة أو كليهما .

القول الرابع :
أن هذه مرتبة بين الحسن والصحيح ، فوق الحسن ودون الصحيح .
قال الحافظ ابن كثيرSadوالذي يظهر لي أنه يُشَرِّب الحكم بالصحة على الحكم بالحُسْن( )، كما يُشَرِّب الحسن بالصحة ، فعلى هذا يكون ما يقول فيه : حسن صحيح أعلى رتبة عنده من الحسن ودون الصحيح ، ويكون حكمه على الحديث بالصحة المحضة أقوى من حكمه عليه بالصحة مع الحُسْن ) . ( )
وقال البلقيني : ( وقيل : الجمع بين الحسن والصحة رتبة متوسطة بين الحسن المجرد والصحيح ، فأعلاها ما تمحض فيه وصف الصحة ، وأدناها ما تمحض فيه وصف الحسن ، وأوسطها ما جمع بينهما ) ، ثم تعقبه قائلاً : ( وفيه نظر ) . ( )
n واعترض على هذا القول ابن رجب فقال : ( وهذا بعيد جداً ، فإن الترمذي يجمع بين الحسن والصحة في غالب الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها ، والتي أسانيدها في أعلى درجات الصحة ، كمالك عن نافع عن ابن عمر ، والزهري عن سالم عن أبيه ، ولا يكاد الترمذي يفرد الصحة إلا نادراً ، وليس ما أفرد فيه الصحة بأقوى مما جمع فيه بين الصحة والحسن ) ( ) .
n وقال الحافظ العراقي معترضاً على ابن كثير : ( وهذا الذي ظهر له تحكم لا دليل عليه، وهو بعيد من فهم معنى كلام الترمذي ) ( ) .
n كما تعقب ابنُ حجر الحافظَ ابن كثير فقال : ( لكن هذا يقتضي إثبات قسم ثالث ، ولا قائل به ، ثم إنه يلزم عليه أن لا يكون في كتاب الترمذي حديث صحيح إلا النادر ، لأنه قلَّ ما يعبر إلا بقوله : حسن صحيح ) ( ) .

القول الخامس :
أنه إنما صدق عليه الوصفان باعتبار اختلاف الأئمة في حال راويه ، فقد يكون عند بعضهم في مرتبة الصحيح ، وعند بعضهم دون ذلك ، وعلى هذا يكون ما قيل فيه : حسن صحيح دون ما قيل فيه : صحيح ، لأن الجزم أقوى من التردد ، لأن حقه أن يقول : حسن أو صحيح .
وهذا التوجيه ذكره ابن سيد الناس افتراضاً ، وعزاه ابن حجر لبعض المتأخرين . ( )
n وأورد عليه ابن سيد الناس ما لا خلاف في تعديل راويه ، كما أنه يَحْسُن في مثله أن يأتي بلفظ (( أو )) والتي هي لأحد الشيئين أو الأشياء فيقول : حسن أو صحيح . ( )
n وقد أورد عليه ابن حجر نحواً مما أورده ابن سيد الناس وأضاف : ( ثم إن الذي يتبادر إلى الفهم أن الترمذي إنما يحكم على الحديث بالنسبة إلى ما عنده لا بالنسبة إلى غيره ، فهذا يقدح في هذا الجواب ، ويتوقف أيضاً على اعتبار الأحاديث التي جمع الترمذي فيها بين الوصفين ، فإن كان في بعضها ما لا اختلاف فيه عند جميعهم في صحته ، فيقدح في الجواب أيضاً ، لكن لو سلم هذا الجواب من التعقب لكان أقرب إلى المراد من غيره ، وإني لأميل إليه وأرتضيه ، والجواب عما يرد عليه ممكن ) ( ) .
n كما اعترض عليه أيضاً ملا علي القاري بأنه يلزم على هذا أن يكون الترمذي وقبله البخاري مقلدين في التصحيح والتحسين . ( )

القول السادس :
قال ابن سيد الناس : ( والجواب أن الحكم للفظه حسن إنما هو إذا انفردت ، ومعلوم حينئذ أنها جاءت على الوضع الاصطلاحي ، لتفيد ما تقرر من المراد .
وأما إذا جاءت تبعاً للصحيح فالحكم للصحيح ، وليس ذلك المعنى الوضعي مراداً منها ، ولا منافاة حينئذ ، كما لو قلت : صحيح معروف ، أو مشهور صحيح ، ولم تكن تلك الزيادة على الوصف بالصحة مما يحط الحديث عن مرتبته ، وإن كانت قاصرة عن الوصف بالصحة إذا انفردت ، وليس وضع الحسن على هذا النوع من الحديث مما تقدم الترمذي وضعه حتى يشاحح في إطلاقه ويطلب منه اطراد رسمه ، منفرداً ، أو مقترناً
بالصحة ) . ( )
n وقد اعترض الدكتور أحمد معبد على هذا التوجيه من خلال الأمور التالية :
الأول : اعترض على ما ذكره من أن لفظه حسن لا يراد بها المعنى الاصطلاحي إذا جاءت مع لفظة صحيح ، بأن الترمذي لما أكثر من استعمال هذه العبارة مركبة ، مع التنويع في تركيبها ، عرفنا أنه لا محالة جار في ذلك مع الاصطلاح في الألفاظ التي يستعملها ، ومن ضمنها لفظ حسن ، ويضاف لذلك قوله : ( وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث
حسن ، فإنما أردنا حسن إسناده )( ) ، فذلك عام شامل لجميع صور ذكره للفظ حسن؛ مفرداً ؛ أو مركباً ، ما لم يقيده الترمذي نفسه بقيد ، وبذلك ينتفي أن لا يراد بالحسن المعنى الاصطلاحي إذا رُكِّبَ مع الصحيح .
الثاني : واعترض على ما ذكره من أن الجمع بين الحسن والصحة يشبه في عدم المنافاة الجمع بين (( صحيح )) وكل من : (( مشهور )) و (( معروف )) ، بأن هذا قياس مع الفارق ، لأن المعروف والمشهور الاصطلاحيان يمكن اجتماعهما مع الصحة في حديث واحد بدون تناف ، لأن منهما صحيح وغير صحيح ، بخلاف الحسن فإنه قاصر عن الصحيح عند من سمى الحسن صحيحاً .
الثالث : واعترض على قوله : ( وليس وضع الحسن على هذا النوع من الحديث مما تقدم الترمذي وضعه ) ، بأن الإمام الترمذي مسبوق في إطلاقه للحسن بالمعنى الاصطلاحي ، وممن استعمله بهذا المعنى : علي بن المديني ، والبخاري ، ويعقوب بن شيبة ، وغيرهم ، وعن البخاري أخذ الترمذي . ( )

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو البراء

{{}} عضـو اساسي {{}}


{{}} عضـو اساسي {{}}
ابو البراء


المساهمات : 363
تاريخ التسجيل : 31/07/2007
العمر : 37
الموقع : الملتقى الإسلامي

معنى قول الإمام الترمذي : حسن صحيح Empty
مُساهمةموضوع: رد: معنى قول الإمام الترمذي : حسن صحيح   معنى قول الإمام الترمذي : حسن صحيح I_icon_minitime25.09.07 14:17

القول السابع :
أن اللفظين مترادفان .
قال بدر الدين الزركشي : ( يحتمل أن يريد بقوله : حسن صحيح في هذه الصورة الخاصة الترادف ، واستعمل هذا قليلاً تنبيهاً على جوازه ، كما استعمله بعضهم حيث وصف الحسن بالصحة ، على قول من أدرج الحسن في قسم الصحيح ) . ( )
وقال الحافظ ابن حجر : ( واختار بعض من أدركنا أن اللفظين عنده مترادفان ، ويكون إتيانه باللفظ الثاني بعد الأول على سبيل التأكيد ، كما يقال : صحيح ثابت ، أو جيد قوي ، أو غير ذلك ) ( ) .
n وقد اعترض عليه ابن حجر بعد ذكره له فقال : ( وهذا قد يقدح فيه القاعدة بأن الحمل على التأسيس خير من الحمل على التأكيد ، لأن الأصل عدم التأكيد ، لكن قد يندفع القدح بوجود القرينة الدالة على ذلك ، وقد وجدنا في عبارة غير واحد كالدارقطني : هذا حديث صحيح ثابت )( ) .
n قلت : ويمكن أن يعترض على هذا القول أيضاً من وجهين :
الأول : أنه لم يدل دليل على إرادة أحد الجزئين حتى يكون الآخر مرادفاً له ، وعلى فرض إرادة الترادف فإن كون الثاني مرادفاً للأول أقوى من العكس ، وعليه فيكون الصحيح في كتابه قليلاً ، وهو ما قال فيه : (( صحيح )) ، أو (( صحيح حسن )) .
الثاني : أن الإمام الترمذي قد ميز الحسن بمصطلح خاص به مما يدل على أنه غير مرادف للصحيح عنده .
وأيضاً فإن حكم الإمام الترمذي على الأحاديث متنوع ، فقد يحكم على حديث بأنه صحيح ، وعلى آخر بأنه حسن صحيح ، وعلى آخر بأنه حسن، مما يدل على أن هناك فرقاً بين هذه الأحكام ، وأنها غير مترادفة .

القول الثامن :
قال الزركشي عقب ذكر القول السابق : ( ويجوز أن يريد حقيقتهما ( ) في إسناد واحد باعتبار حالين وزمانين ، فيجوز أن يكون سمع هذا الحديث من رجل مرةً في حال كونه مستوراً أو مشهوراً بالصدق والأمانة ، ثم ترقَّى هذا الرجل المُسْمِع وارتفع حاله إلى درجة العدالة ، فسمعه منه الترمذي أو غيره مرة أخرى فأخبر بالوصفين .
وقد روي عن غير واحد أنه سمع الحديث الواحد على الشيخ الواحد غير مرة ، وهو قليل.
وهذا الاحتمال وإن كان بعيداً فهو أشبه ما يقال ) ( ) .
قلت : والفرق بين هذا القول والقول الخامس أنه في هذا القول يكون الحديث مسموعاً من راوٍ واحدٍ مرتين في حالين ، إحداهما حين كان في درجة الحُسْن ، والأخرى حين كان في درجة الصحة .
أما القول الخامس فيكون الحديث فيه مسموعاً من طريق راوٍ قد اختلف الأئمة فيه ، فبعضهم يوثقه ، فيكون حديثاً صحيحاً عندهم ، وبعضهم يجعله أقل من ذلك فيكون حديثه حسناً عندهم ، ولا يلزم منه أن يروى الحديث عن هذا الراوي مرتين .
n وهذا القول - كما ذكر الزركشي - فيه بعد لا يخفى ، فهل كل ما قال فيه : حسن صحيح - على كثرته - قد روي عن راوٍ واحد مرتين ، إحداهما حين كان في درجة الحُسْن ، والأخرى حين كان في درجة الصحيح ؟! .
كما أنه يرد عليه ما قال فيه : حسن صحيح ، وليس في رواته من كان لحديثه حالتان .
كما أنه يرد عليه ما قال فيه : حسن صحيح ، ولم يكن أحد رواته قد حدث به أكثر من مرة .

القول التاسع :
أن المراد بأن الحديث (( صحيح )) في إسناده ومتنه ، (( حسن )) في الاحتجاج به على ما قصد الاحتجاج به فيه .
وهذا قول محمد بن إبراهيم الوزير الصنعاني . ( )
والفرق بين هذا القول والقول الثاني ، أن القول الثاني أريد بالحُسْنِ حُسْنُ الألفاظ وجمالها وقوة التراكيب وبلاغتها .
أما هذا القول فأريد بالحُسْنِ فيه حُسْنُ الاحتجاج وقوة الدلالة على المراد .
n وقد ذكر الصنعاني أنه لا يرد على هذا القول ما أورده ابن دقيق العيد على القول الثاني لابن الصلاح .
لكن اعترض عليه بعده أمور :
أولاً : أن الحديث إذا كان صحيح الإسناد والمتن فالاحتجاج به معلوم لا يفتقر إلى ذكر أو إشارة .
ثانياً : أنه لم يأت في الاصطلاح وصف الحديث بالحُسْنِ مراداً به حُسْنُ الاحتجاج ، ولا يُحْمَل كلامهم إلا على اصطلاحهم .
ثالثاً : أن الأولى على تقدير إرادة حُسْنِ الاحتجاج أن يقال : صحيح حَسَن ؛ لا حَسَن صحيح ، لأن حُسْن الاحتجاج فرع عن صحته . ( )
n قلت : ويمكن أن يعترض عليه أيضاً بأنه لم يدل دليل على إرادته أحد جزئي الحكم حتى يسوغ تأويل الجزء الآخر ، فكما أنه يحتمل أن يريد بقوله : (( حسن صحيح )) صحة الإسناد والمتن وحُسْن الاحتجاج به على ما قصد الاحتجاج به فيه فكذلك يُحْتَمل أن يريد بقوله : (( حسن صحيح )) حسن الإسناد والمتن وصحة الاحتجاج به على ما احتج به فيه ، والاحتمال الأخير أقوى من الأول ؛ بدليل تقديمه الحكم بالحُسْنِ على الحكم بالصحة ، والمقدم أقوى من المؤخر .


القول العاشر :
أن ما قيل فيه : (( حسن صحيح )) ، إن كان فرداً فإطلاق الوصفين عليه إنما هو لتردد الأئمة في حال ناقله ، هل اجتمعت فيه شروط الصحة أم قصر عنها؟ ، فيكون حسناً باعتبار وصفه عند قوم ؛ صحيحاً باعتبار وصفه عند آخرين ، غاية ما فيه أنه حذف منه حرف التردد لأن حقه أن يقول : حسن أو صحيح ، وعليه فما قيل فيه : (( حسن صحيح )) دون ما قيل فيه : (( صحيح )) لأن الجزم أقوى من الترد .
وإن لم يكن فرداً فيكون الإطلاق باعتبار إسنادين أحدهما صحيح والآخر حسن ، وعليه فما قيل فيه : (( حسن صحيح )) فوق ما قيل فيه : (( صحيح )) ، لأن كثرة الطرق تقويه .
وبهذا أجاب الحافظ ابن حجر ( ) ، وتبعه عليه السخاوي ( ) ، والسيوطي . ( )
n ويمكن أن يعترض على الشق الأول من هذا القول بما سبق الاعتراض به على القول الخامس ، حيث يرد عليه ما لا خلاف في تعديل راويه ، مع ما يلزم عليه من كون الأئمة كالبخاري والترمذي مقلدين لغيرهما في التصحيح والتحسين .
واعترض على الشق الثاني من هذا القول بما إذا كان الإسنادان صحيحين . ( )

القول الحادي عشر :
أن الحكم عليه إنما هو باعتبار وصفين مختلفين وهما : الإسنـاد والحكم ، فيكون قوله : (( حسن )) باعتبار إسناده ، وقوله : ((صحيح)) باعتبار حكمه ، لأنه من قبيل المقبول ، وكل مقبول يجوز أن يطلق عليه اسم الصحة . ( )
n واعترض عليه بأن هذا إنما هو على قول من لا يفرد الحسن من الصحيح ، بل يسمي الكل صحيحاً ، وأيضاً فإن الترمذي قد أكثر من الحكم بهذا على الأحاديث الصحيحة الإسناد ، كمالك عن نافع عن ابن عمر ، ونحوها . ( )

القول الثاني عشر :
قال الحافظ ابن حجر: (وأجاب بعض المتأخرين بأنه أراد حَسَنٌ على طريقة من يُفَرِّق بين النوعين لقصور راويه عن درجة الصحة المصطلحة، صحيحٌ على طريقة من لا يفرِّق)( ).
ويبرز الفرق بين هذا القول والقول الخامس ، أن راوي الحديث في القول الخامس مختلف فيه بين موثق ومتوسط ؛ فالحكم على الحديث بالصحة بالنظر إلى من وثقه ، والحكم عليه بالحُسْن بالنظر إلى من توسط فيه ، وأما راوي الحديث في هذا القول فلا يلزم أن يكون مختلفاً فيه ، لكنه لا يرقى إلى مرتبة الثقة ، فحديثه حينئذ (( حسن )) عند من يفرق بين الصحيح والحسن ، وصحيح عند من لا يفرق .
n قال الحافظ ابن حجر بعدما أورد هذا القول: ( ويرد عليه ما أوردناه فيما سبق ) .( )
قال الدكتور ربيع المدخلي : ( يقصد ما أورده على ابن كثير من أنه يلزم على قوله أن لا يكون في كتاب الترمذي صحيح إلا النادر ) ( ) .
n قلت : كما يرد عليه أيضاً أن الترمذي قد بيَّن مراده بالحسن في كتابه، مما يدل على أنه يفرِّق بين الحسن والصحيح ، وهو إنما يحكم في كتابه بناء على مصطلحه هو لا غيره .

القول الثالث عشر :
أن ما قيل فيه : (( حسن صحيح )) إن لم يكن فرداً فيكون الإطلاق باعتبار إسنادين أحدهما (( صحيح )) والآخر (( حسن )) ، وعليه فما قيل فيه (( حسن صحيح )) فوق ما قيل فيه (( صحيح )) ، لأن كثرة الطرق تقويه .
وإن كان فرداً فإنما أطلق عليه هذان الوصفان لأن وجود الدرجة العليا وهي الحفظ والإتقان لا ينافي وجود الدنيا كالصدق ، فيصح أن يقال : (( حسن )) باعتبار الصفة الدنيا ، (( صحيح )) باعتبار الصفة العليا ، ويلزم على هذا أن يكون كل صحيح حسناً .
وهذا القول نسبه السيوطي للحافظ ابن حجر فقال : ( ولشيخ الإسلام جواب خامس ، وهو التوسط بين كلام ابن الصلاح وابن دقيق العيد ، فيخص جواب ابن الصلاح بما له إسنادان فصاعداً ، وجواب ابن دقيق العيد بالفرد ) ( ) .
n قلت : ويرد عليه ما سبق إيراده على قوليهما .
كما يرد عليه أيضاً أن فيه استعمالاً لمصطلح واحد في معنيين متغايرين .

القول الرابع عشر :
أن المراد حسن لذاته ، صحيح لغيره . ( )
والفرق بين هذا القول والقول الأول أن هذا الحسن قد يكون ارتقاؤه إلى درجة الصحيح لغيره إنما هو لوجود متابع حسن مثله أو أعلى منه ، وأما في القول الأول فإن الحديث قد ورد بإسنادين أحدهما (( حسن )) والآخر (( صحيح )) .
n قلت : ويرد على هذا القول عدة أمور :
أولاً : أنه يحكم بذلك كثيراً على أحاديث في أعلى درجات الصحة .
ثانياً : أنه يلزم عليه أن يكون الصحيح لذاته عنده قليلاً جداً .
ثالثاً : أنه قد يحكم بذلك على أحاديث ثم يصفها بالغرابة ، مما يدل على أنه قصد الحكم على الحديث بإسناده المذكور .

القول الخامس عشر :
أن الإمام الترمذي أراد أنه (( حَسَنٌ )) باعتبار إسناده ، (( صحيح )) لأنه أصح شيء ورد في الباب ، فإنه يقال : أصح ما ورد كذا ، وإن كان حسناً أو ضعيفاً، ويراد أرجحه وأقله ضعفاً . ( )
n قلت : ويمكن الاعتراض على هذا القول من عدة وجوه :
الأول : أنه يرد عليه ما قال فيه الترمذي : (( حسن صحيح )) وكان جميع رواته متفقاً على عدالتهم وتوثيقهم ، وقد تقدم ما ذكره الحافظ ابن رجب من أن الترمذي يجمع بين الحُسْن والصحة في غالب الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها والتي أسانيدها في أعلى درجات الصحة ، كمالك عن نافع عن ابن عمر ، والزهري عن سالم عن أبيه . ( )
وذكر الحافظ ابن حجر أيضاً أن الترمذي قد أكثر من الحكم بذلك على الأحاديث الصحيحة الإسناد .
الثاني : أنه يرد عليه ما إذا كان في الباب من الأحاديث ما هو أصح وأقوى مما حكم عليه الإمام الترمذي بهذا الحكم .
الثالث : أنه يرد عليه أيضاً ما أورده ابن حجر على قول ابن كثير المتقدم ، وهو أنه يلزم عليه أن لا يكون في كتاب الترمذي صحيح إلا النادر؛ لأنه قل ما يعبر إلا بقوله : حسن صحيح( ) .

ومما تقدم يظهر عدم سلامة أيٍّ من هذه الأقوال من الاعتراض والرد ، ومرد ذلك عدم وجود نص من الإمام الترمذي في بيان هذا المصطلح حتى يكون فصلاً لا يصار إلى غيره .

ومما ظهر لي بعد دراسة جملة من الأحاديث التي حكم عليها بهذا الحكم ، أنه يقصد بقوله: (( حسن صحيح )) الحكم بصحة الحديث ، وأن حكمه بالصحة مفرداً من باب التنويع في العبارة ، ولذا قل استعماله له .

ومما يحسن التنبيه إليه أن الإمام الترمذي لم ينفرد بإطلاق هذا الحكم ، وإنما اشتهر به لأنه أكثر منه ، وإلا فقد وقع هذا في كلام البخاري ويعقوب بن شيبة وأبي علي الطوسي( ).

هذا ما تيسر جمعه ، ولا شك أن الخلل فيه بادٍ ، ولعل في ضيق الوقت مستعتباً حيث ضاق الوقت عن مراجعته وتحريره ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معنى قول الإمام الترمذي : حسن صحيح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
.::الملتقى الاسلامي في العراق::. :: 

¤©§][§©¤][ الأقسام الإسلامية ][¤©§][§©

 :: منتدى الحديث وعلومه
-
انتقل الى: