نصيحة سلفية

{ إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبؤهم بما كانوا يفعلون }

قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه القيم " سير أعلام النبلاء " [4/472] : ( وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول : دعنا من الكتاب والأحاديث وهات " العقل " ! فأعلم أنه أبو جهل ، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول : دعنا من النقل والعقل وهات الذوق والوجد ، فأعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر أو قد حل فيه ، فإن جبنت فاهرب ، وإلا فاصرعه وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه ) اهـ

أعلم يا عبد الله : أن العلم النافع والدواء الناجح هو : قال الله ، قال رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يسمى الرجل عالماً إلا بهذا العلم ، ولا ينتفع به خير الانتفاع إلا إذا كان وقافاً عند حدود الله تعالى ، مقيماً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، معظماً لرجالها ، حافظاً الود لرواتها .

وأما من دفع السنة المطهرة بالهوى واستحسان النفس ومجرد الذوق فهو رجل بدعي ضال لا يأتي منه خير .

وأعلم : أن الناس هذه الأيام أحدثوا من الشرور التي مدارها على الشهوة والشبهة ليصدوا الناس عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن منهج السلف الصالح وطريقتهم ، كل هذا بدعوى مسايرة العصر ومواكبة الظروف ، فضلوا وأضلوا ، وفتحوا على أنفسهم باب شر ، نسج على عقولهم الأوهام والشبهات معا ، فجعلهم في واد سحيق لا يسمعون السنة ولا يحسنون فهمها .

والعجيب من هؤلاء القوم أنهم على الدوام يتهمون اصحاب المنهج الأثري والطريق السلفي بأنهم متحجرون متكلسون لا يفهمون دهاليز السياسة ولا خدع الحياة !!

وهم بهذا العلم الباطل يحكمون على أنفسهم بالزوال ، لأن الحق قوته تكمن في ثبات الإنسان عليه ، كما قال تعالى : { خذوا ما اتيناكم بقوة } .

والجلوس مع أهل البدع يجعل المرء يداهنهم رغم أنفه ويسايرهم في طرقهم ، كما قال تعالى : { ودوا لو تدهن فيدهنون } ، ومع طول المعاشرة وكثرة المصاحبة يسحبونه إلى شرهم ، ويذيقونه كاس المرارة جرعة جرعة دون أن يحس أو يشعر ، وهو لا يدري أنه كلما ازداد بعداً عن السنة إلى العقل كلما ازداد ضلالاً وشروراً ، حتى ينقلب وتتغير وجهته .

وأعلم يا عبد الله : أن الواجب عليك أن تقرأ كتب السنة المطهرة - وخاصة صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم - وعليك بقراءة السيرة النبوية والإكثار منها ، والمعاودة في القراءة لها المرة تلو المرة .

واحذر من هوى الانتقائيين ، ونعني بهم أولئك القوم الذين يذهبون إلى السنة والسيرة وهم في أذهانهم القواعد البدعية المقررة والنكت الضالة الفاسدة ، فيأتون إلى السنة والسيرة ليبحثوا لهم عن شبهة ، دليل ، يحتجوا بها على بدعتهم وينصروا بها أهواءهم ، فهؤلاء القوم لا ينتفعون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصلح حالهم ، بل يزدادوا ضلالاً على ضلال .

فالواجب عليك أن تقرأ السنة النبوية والسيرة المحمدية وأنت فارغ النفس من الشهوة الباطلة والشبه البدعية ، لتتشكل لديك حقيقة هذا الدين وصورته .

وأعلم : أن من صور الفوارق بين السني والبدعي ، هو نوع الكتب التي ينظر فيها المرء ، ويستكثر منها ، فالسني المهتدي هو من يقرأ السنة والسيرة أكثر مرات ومرات من قراءة غيرها ، فإذا قرأ سواهما كان على نور من ربه ، وأما البدعي فهو لا يلتفت إلى السنة النبوية والسيرة المحمدية إلا من أجل أن يحتج لأفكاره ، ومن أجل أن يزيد في تقرير قواعده وقناعاته على ما استقر من تيه وهوى .

ثم أن الصورة المهتدية لرجل السنة تظهر في اهتمامه بأمر الله تعالى ، ورضا الله تعالى ، وحب الدار الآخرة ، فهي تشغل ذهنه ، ويقيم أعماله على أساس الرضا الإلهي ، واما غيره فهو الذي يقيم الأمور ويبني الأحكام على ما حقق من أوهام دنيوية ورضا البشرية ، وشتان بين الرجلين .

فيا عبد الله : عليك بكتب السنة وسيرة المصطفى وهدي السلف الصالح .


والحمد لله رب العالمين
[عن نشرة الأنصار العدد 143/ الخميس 15 ذو القعدة 1416]

مشكووووور اخويه